اخبار

الجيش الإسرائيلي يلوح بـ"احتمال دخول" لبنان وبايدن يخشى "حربا شاملة"

اف ب / ربيع ضاهر سحابة من الدخان تتصاعد إثر غارة جوية إسرائيلية على قرية سجد في جنوب لبنان في 25 أيلول/سبتمبر 2024

أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنه يستعدّ لشنّ هجوم بري محتمل على لبنان حيث واصلت طائراته، لليوم الثالث على التوالي، شن غارات كثيفة ضد أهداف تابعة للتنظيم المسلح المدعوم من إيران، بينما حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن من خطر انزلاق الوضع إلى "حرب شاملة" في الشرق الأوسط.

ونقل بيان للجيش الإسرائيلي عن رئيس الأركان الجنرال هرتسي هاليفي قوله لقواته خلال تدريب على الحدود مع لبنان "نحن نهاجم طوال اليوم. الهدف هو التمهيد لدخولكم المحتمل وأيضا مواصلة ضرب حزب الله".

من جانبه، حذّر بايدن مجددا من أنّ "حربا شاملة هي أمر محتمل"، وذلك على الرغم من أن البنتاغون اعتبر أن عملية برية إسرائيلية داخل لبنان لا تبدو "وشيكة".

وقال مسؤول أميركي رفيع إن واشنطن تجري "مشاورات مكثفة مع الاسرائيليين ودول أخرى في محاولة للتوصل الى وقف لإطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله" اللبناني.

- مجلس الأمن -

وفي نيويورك، عقد مجلس الأمن الدولي مساء الأربعاء بطلب من فرنسا جلسة طارئة حول الوضع في لبنان تعالت خلال الأصوات المطالبة بإرساء وقف لإطلاق النار تجنبا لاندلاع "حرب شاملة".

وخلال الجلسة، كشف وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو عن اقتراح مشترك مع الولايات المتحدة لإرساء "وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوما" في لبنان "إفساحا في المجال أمام إجراء مفاوضات".

وإذ أوضح الوزير الفرنسي أنّ هذا المقترح "سيتم الإعلان عنه سريعا ونحن نعوّل على قبول الطرفين به"، شدّد على أنّ اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله "ليس أمرا حتميا" بشرط أن تنخرط كل الأطراف "بحزم" في إيجاد حلّ سلمي للنزاع.

وحذّر بارو من أنّ "الوضع في لبنان اليوم يهدّد بالوصول إلى نقطة اللاعودة"، وأنّ "التوترات بين حزب الله وإسرائيل اليوم تهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه".1

والوضع المتأزم في لبنان كان مدار بحث أيضا بين الرئيس الأميركي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقال البيت الأبيض إنّ بايدن التقى ماكرون في نيويورك "لمناقشة الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني ومنع حرب أوسع نطاقا".

وفي مستهلّ جلسة مجلس الأمن، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّ التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله "يفتح أبواب الجحيم في لبنان"، مؤكدا أنّ "الجهود الدبلوماسية تكثفت للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار".

من ناحيته، حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبيل بدء الاجتماع من أنّ الشرق الأوسط "على شفير كارثة شاملة"، مؤكدا أنّ بلاده ستدعم لبنان "بكل الوسائل".

بالمقابل، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إنّ الدولة العبرية تفضّل استخدام القنوات الدبلوماسية لتأمين حدودها الشمالية مع لبنان، لكنها ستستخدم "كل الوسائل المتاحة" إذا فشلت الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق مع حزب الله.

ميدانيا، واصل الجيش الإسرائيلي الأربعاء قصفه "الواسع النطاق" لجنوب لبنان وشرقه بالدرجة الأولى، معقلي الحزب المدعوم من إيران، في اليوم الثالث من الضربات المكثفة التي دفعت أكثر من 90 ألف لبناني على النزوح، وفق الأمم المتحدة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء استدعاء لواءين احتياطيين سيتم نشرهما في الشمال، من أجل "مواصلة القتال" ضد حزب الله.

- نزوح وقتلى -

والأربعاء، قُتل 72 شخصا وأصيب حوالى 400 آخرين بجروح في أنحاء لبنان وفق السلطات، فيما طاولت الغارات أيضا بلدتين تقعان خارج معاقل حزب الله، إحداهما هي المعيصرة في كسروان شمال بيروت.

وتواصل تدفق العائلات إلى الحدود مع سوريا، وفق مصوري فرانس برس.

ا ف ب / - جانب من تشييع حزب الله القيادييين إبراهيم قبيسي وحسين عز الدين في 25 أيلول/سبتمبر غداة مقتلهما في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت

وأعلن الجيش الاسرائيلي أنه قصف أكثر من ألفي هدف لحزب الله في لبنان في الأيام الثلاثة الاخيرة، من ضمنها مئات الأهداف الأربعاء.

وخلّفت أولى الغارات الإسرائيلية المكثفة في لبنان الإثنين 558 قتيلا وأكثر من 1800 جريح، بحسب السلطات اللبنانية، وهي أكبر حصيلة تُسجّل في يوم واحد منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 - 1990).

وفي المجموع أوقعت الضربات الإسرائيلية 1247 قتيلا في لبنان منذ تشرين الأول/أكتوبر، غالبيتهم من المدنيين، وفق السلطات اللبنانية.

وفي بيروت، شهدت مراكز الصليب الأحمر إقبالا على التبرّع بالدم بعد نداء أطلقته الجمعية.

وتقرّر إبقاء المدارس والجامعات مغلقة حتى نهاية الأسبوع في لبنان. وأوقفت العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى بيروت.

وفي إسرائيل، انطلقت صفارات الإنذار فجرا في تل أبيب الكبرى، على بعد نحو مئة كيلومتر جنوب الحدود اللبنانية، عندما أطلق حزب الله صاروخا بالستيا أرض-أرض تم اعتراضه، بحسب الجيش.

وقال الجيش إن "هذه هي المرة الأولى التي يصل فيها صاروخ لحزب الله إلى منطقة تل أبيب".

من جهته، أعلن الحزب أنه استهدف بصاروخ من طراز "قادر 1" مقرّ جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد)، مشيرا إلى أن هذا المقر هو المسؤول عن عملية تفجير أجهزة الاتصال الخاصة بالحزب التي تسبّبت بقتل عشرات وإصابة آلاف من عناصره.

ولاحقا نشر الاعلام الحربي لحزب الله مقطع فيديو قصيرا حول الصاروخ البالستي قادر 1، أشار فيه إلى أن مداه يصل إلى 190 كلم.

ومساء الأربعاء، تبنّت فصائل "المقاومة الإسلامية في العراق" الموالية لإيران هجوما "بالطيران المسيّر" على مدينة إيلات في إسرائيل، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض مسيرة أُطلقت من الشرق ورصد سقوط أخرى في المنطقة.

- "مواصلة القتال" -

قدّر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر العدد الإجمالي للصواريخ والقذائف التي أطلقها حزب الله على إسرائيل بـ9360 مقذوفا منذ فتح الحزب جبهة ضد إسرائيل بهدف "دعم" غزة و"إسناد" حليفته الفلسطينية حماس.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأربعاء أن بلاده ستستخدم "القوة الكاملة" ضد حزب الله حتى ضمان عودة سكان الشمال إلى منازلهم.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية بتحليق مسيّرة الأربعاء فوق النبطية (جنوب) وبثها تسجيلا صوتيا يتضمن تحريضا ضد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.

ويؤكّد حزب الله من جانبه أنه سيواصل مهاجمة إسرائيل حتى ينتهي "العدوان على غزة" حيث اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إثر هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل.

ومن على منبر الأمم المتحدة، حضّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "بقوة اسرائيل على وقف التصعيد في لبنان، وحزب الله على وقف إطلاق" الصواريخ على الدولة العبرية.

وأعرب المفوّض العام للأونروا فيليب لازاريني عن خشيته من أن يحلّ بلبنان ما حلّ بقطاع غزة.

وبدأ التصعيد الأخير إثر موجة تفجير أجهزة اتصال نسبها حزب الله لإسرائيل في 17 و18 أيلول/سبتمبر، وأسفرت عن مقتل نحو اربعين شخصا وإصابة نحو ثلاثة آلاف آخرين بجروح، تلتها غارة إسرائيلية في 20 أيلول/سبتمبر على الضاحية الجنوبية لبيروت قتل فيها 16 من قادة قوة الرضوان التابعة للحزب، والتي وحدة النخبة فيه، بينهم قائدها.

وفي قطاع غزة، الذي يتعرّض لضربات إسرائيلية منذ نحو عام، يخشى فلسطينيون من أن يلقي التصعيد المستمر بظلاله على مصيرهم.

وقال أيمن الأمريتي (42 عاما) إنّ "الاهتمام الإعلامي بقطاع غزة أصبح ثانويا"، معتبرا أن هذا الأمر يشجّع إسرائيل على "ارتكاب مزيد من الجرائم".

وأدى هجوم حماس الذي أشعل الحرب في غزة إلى مقتل 1205 أشخاص، معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاء لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية تشمل الرهائن الذين ماتوا أو قتلوا أثناء احتجازهم في غزة.

ومن بين 251 شخصا خطفوا، ما زال 97 شخصا محتجزين في غزة، من بينهم 33 أعلن الجيش مقتلهم.

على الأثر، توعدت إسرائيل بتدمير حماس التي سيطرت على قطاع غزة في 2007، ونفذ جيشها هجوما مدمرا على غزة تسبب بكارثة إنسانية وخلف 41495 قتيلا، معظمهم من المدنيين، وفق آخر حصيلة نشرتها وزارة الصحة التابعة لحماس الأربعاء.