اخبار

كيف تلتف روسيا على العقوبات الأوروبية

اف ب/ارشيف / ألكسندر نمنوف زبائن يمرون أمام متجر لاكوست الفرنسي في مركز تسوق في موسكو في 9 أيلول/سبتمبر 2024 والذي يواصل عمله على الرغم من العقوبات الغربية ضد روسيا

فرض الاتحاد الأوروبي 14 حزمة من العقوبات على روسيا منذ غزوها لأوكرانيا في عام 2022، لكن هذه التدابير التي تهدف إلى إضعاف آلتها الحربية تصطدم "ببراعة" الروس في التحايل عليها.

لا شك أن النمو الروسي يتراجع، ولكنه ما زال أعلى من 4%، وهو دليل، وفق ما يقول الكرملين، على أن العقوبات الغربية غير مجدية. كما أعلنت الحكومة الروسية الاثنين عن زيادة ميزانية الدفاع بنسبة 30% للعام المقبل.

يقول غونترام وولف، الباحث في معهد بروغل وأستاذ الاقتصاد في جامعة بروكسل الحرة "لا تكون العقوبات فعالة إلا عندما يكون التحالف الذي يقف وراءها كبيرا بما فيه الكفاية".

ولكن الأمر ليس كذلك. ويضيف وولف في حديث مع وكالة فرانس برس أن مع خروج الصين والهند أو ما يسمى بدول "الجنوب العالمي" من المعادلة، يصير فرض عقوبات فعالة مسالة "صعبة تماما".

قررت الدول الغربية حظر تصدير منتجاتها التكنولوجية التي يمكن استخدامها لتصنيع الأسلحة، مثل المعالِجات الدقيقة، إلى روسيا. ولكن، وبسرعة كبيرة، تحايلت روسيا على هذه العقوبات بفضل دول ثالثة، مثل الصين وتركيا والإمارات العربية المتحدة والعديد من دول آسيا الوسطى مثل كازاخستان.

مؤخرا، أقر ديفيد أوسوليفان، المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لشؤون العقوبات، بأن الروس كانوا "بارعين جدا" في الحصول على الإمدادات التي يحتاجونها.

على سبيل المثال، ارتفعت الصادرات الأوروبية إلى تركيا بنسبة 38% بين الربع الثالث من عام 2021 والربع الثالث من عام 2023، وفقا لدراسة حديثة أجراها معهد جاك ديلور حول فعالية عقوبات الاتحاد الأوروبي.

والأهم من ذلك أن الصادرات التركية إلى روسيا قفزت بنسبة 72% خلال الفترة نفسها.

- "معاقبة" المذنبين -

رفض الاتحاد الأوروبي حتى الآن "معاقبة" البلدان التي ساهمت في الالتفاف على العقوبات، مفضلاً الطريق الدبلوماسي.

وأوضح أوسوليفان "أود أن أقول إنني أفضل دائمًا أن تجد الدول الثالثة التي نتعامل معها الحل المناسب لها"، وهو ما أثار استياءً كبيرا في أوكرانيا.

وقال فلاديسلاف فلاسيوك، مستشار الرئيس الأوكراني لشؤون العقوبات، الأسبوع الماضي في بروكسل "أخشى أن الدبلوماسية لا تكون كافية في بعض الأحيان، وهناك أيضا حاجة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة".

واغتنم فلاسيوك الفرصة ليعرض على المسؤولين الأوروبيين والرأي العام بعض الأمثلة على التقنيات "المصنوعة في أوروبا" التي تم العثور عليها في حطام القذائف أو الصواريخ الروسية التي سقطت في أوكرانيا.

لقد سعى الأوروبيون إلى إيجاد حلول من خلال فرض قيود على الشركات الأوروبية التي تصنع منتجات حساسة أو تلك التي يُحتمل أن تكون مفيدة لصناعة الأسلحة الروسية.

على سبيل المثال، تم فرض بند يحظر إعادة تصدير "الخبرة التقنية" للشركات إلى روسيا.

لكن تنفيذ هذه التدابير ليس بالأمر السهل على الإطلاق. وهو ما أقر به أوسوليفان بقوله "في مرحلة معينة، تفقد السيطرة على المنتج الذي تبيعه. هذه هي طبيعة نموذج العمل، وعلينا أن نقبل ذلك".

واعترف بأن الأوروبيين يريدون أن يشملوا فروع الشركات بالبند الذي يحظر أي إعادة تصدير إلى روسيا، ولكن "دعونا نكون صادقين، هناك مقاومة" من الشركات.

وفي مقابلة أجرتها معها وكالة فرانس برس، قالت مجموعة الضغط "بزنس يوروب" التابعة لقطاع الأعمال في بروكسل إن "الشركات الأوروبية ملتزمة بتنفيذ العقوبات ومحاربة التحايل عليها، لكنها تحتاج إلى توجيه واضح ومناسب لتحقيق ذلك".

يقول وولف الذي شارك في إعداد تقرير لمعهد بروغيل حول طرق تحسين فعالية العقوبات ضد روسيا إن هذا ينطوي على تهديد واضح بفرض عقوبات مالية إذا لم تتبع الشركات التوجيهات.

ويقترح أيضا الاستعانة "بالتشريعات الصارمة للغاية المفروضة على النظام المالي لمكافحة غسل الأموال أو الإرهاب".

ويؤكد أن النظام المالي العالمي اضطر إلى اتخاذ إجراءات فعالة للتتبع والمراقبة، الأمر الذي أدى إلى "تقليص هذه الجرائم إلى حد ما".

من المؤكد أن العقوبات ليست فعالة بنسبة 100%، لكنها تتمتع بميزة جعل أي محاولة تقوم بها روسيا للحصول على المنتجات الضرورية لصناعة الأسلحة "أكثر صعوبة وأطول أمدا وأكثر تكلفة"، وفق ديفيد أوسوليفان.