اخبار

حزب الله يقر بتلّقي ضربة "غير مسبوقة" ويتوعّد إسرائيل بـ"حساب عسير"

ا ف ب / ربيع ضاهر دخان يتصاعد فوق قرية في جنوب لبنان بعد غارة إسرائيلية، في 19 أيلول/سبتمبر 2024

أقرّ الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله الخميس بأن حزبه تعرّض لضربة "كبيرة وغير مسبوقة" في تاريخه، متوعّدا إسرائيل بـ"حساب عسير" بعد تفجيرات طالت آلاف أجهزة الاتصال التي يستخدمها عناصره هذا الأسبوع.

وقتل 37 شخصا وأصيب قرابة ثلاثة آلاف آخرين بجروح جراء تفجير أجهزة "بايجرز" الثلاثاء ثم أجهزة اتصال لاسلكي الأربعاء يستخدمها عناصر في الحزب، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.

وقال نصرالله في كلمة عبر الشاشة "لا شكّ أننا تعرضنا لضربة كبيرة أمنيا وإنسانيا وغير مسبوقة" منذ تأسيس الحزب عام 1982 بعيد الاجتياح الإسرائيلي للبلاد، مشدداً على أنّ "العدو تجاوز بهذه العملية كل الضوابط والقوانين والخطوط الحمراء".

واعتبر أن إسرائيل أرادت من خلال هجومها على مرحلتين أن تقتل "ما لا يقل عن خمسة آلاف انسان في دقيقتين ومن دون اكتراث لأي ضابطة"، مشددا على أن "هذه الضربة الكبيرة والقوية وغير المسبوقة لم تسقطنا ولن تسقطنا".

وتخلل كلمة نصرالله خرق الطيران الإسرائيلي جدار الصوت على علو منخفض مرتين على الأقل في أجواء لبنان.

وتوعّد الأمين العام إسرائيل "بحساب عسير وقصاص عادل من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون"، مشيرا الى أنه لن يحدّد مكان أو زمان أو شكل الردّ.

وأكد نصرالله أن الحزب "شكّل لجان تحقيق داخلية"، وما زال بحاجة "الى بعض الوقت للتأكد من النتيجة... سواء من الشركة التي باعت التصنيع الى النقل الى الوصول الى لبنان.. الى لحظة التفجير".

وأتت تفجيرات أجهزة الاتصال في خضم تبادل يومي للقصف بين حزب الله والدولة العبرية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة قبل أكثر من 11 شهرا.

وأدى التصعيد الى نزوح عشرات الآلاف من الجانبين ودمار في المناطق الحدودية.

ولم تعلّق الدولة العبرية على التفجيرات التي وقعت غداة إعلانها توسيع أهداف الحرب المتواصلة في قطاع غزة، لتشمل تأمين المنطقة الحدودية الشمالية مع لبنان بشكل يضمن عودة الإسرائيليين إليها.

وكرر نصرالله التأكيد أن "جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزة" رغم "كل هذه الجراح وكل هذه الدماء".

وتوجه الأمين العام لحزب الله الى المسؤولين الإسرائيليين بالقول "لن تستطيعوا أن تعيدوا سكان الشمال الى الشمال .. وافعلوا ما شئتم".

أضاف "لا تصعيد عسكري ولا قتل ولا اغتيالات ولا حرب شاملة تستطيع أن تعيد السكان الى الحدود".

ويؤكد الحزب أن عمليات القصف عبر الحدود هي بمثابة "جبهة إسناد" لغزة وحماس في ظل الحرب مع إسرائيل.

وثمّنت الحركة موقف نصرالله الخميس، واصفة إياه بـ"المقدّر والمشرف".

- إجراءات إسرائيلية ستتواصل -

في غضون ذلك، أكدت إسرائيل مواصلة إجراءاتها العسكرية ضد الحزب.

وقال وزير الدفاع يوآف غالانت "في المرحلة الجديدة من الحرب هناك فرص مهمة ولكن هناك مخاطر مهمة أيضا. يشعر حزب الله بأنّه ملاحق.إجراءاتنا العسكرية المتتالية ستتواصل".

ميدانيا، أعلن الجيش الإسرائيلي شنّ سلسلة من الغارات على جنوب لبنان.

وأفاد في بين مساء الخميس "أغارت طائرات حربية لسلاح الجو على نحو 30 منصة صاروخية وبنى عسكرية لحزب الله شملت نحو 150 فوهة إطلاق كانت جاهزة لتنفيذ عمليات إطلاق قذائف نحو إسرائيل على المدى الزمني الفوري".

وأكد أنه استهدف كذلك "مباني عسكرية ومستودع أسلحة".

من جهته، أعلن الحزب تنفيذ عمليات منها استهداف "نقطة تموضع لجنود العدو الإسرائيلي في موقع المرج". كما شنّ "هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية على المقر المستحدث لقيادة اللواء الغربي في يعرا (...) وعلى مرابض مدفعية العدو في بيت هلل".

وأفاد الجيش الإسرائيلي الخميس بمقتل ضابط وجندي قرب الحدود مع لبنان.

ا ف ب / انور عمرو صورة مؤرخة في 18 أيلول/سبتمبر 2024 من تشييع ضحايا انفجارات أجهزة تابعة لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت

وانفجرت الثلاثاء مئات أجهزة البايجر التي كانت في حوزة عناصر من حزب الله بشكل متزامن في معاقل للحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وشرق لبنان وجنوبه.

ثمّ وقعت الأربعاء موجة ثانية من الانفجارات طالت هذه المرة أجهزة اتصال لاسلكي، في معاقل للحزب. ومن بين ضحايا هجوم الأربعاء، 20 عضوا في حزب الله، بحسب مصدر مقرّب من الحزب.

وأعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض الخميس ارتفاع حصيلة ضحايا الانفجارات خلال اليومين الماضيين، إلى 37 قتيلا و2931 جريحا.

ورفع المسؤولون الإسرائيليون من وتيرة التحذيرات للحزب خلال الأيام الأخيرة.

وأعلن غالانت الأربعاء أن "مركز ثقل" الحرب التي تخوضها الدولة العبرية منذ نحو عام "ينتقل الى الشمال"، في إشارة الى الجبهة المفتوحة مع حزب الله.

وأضاف "نحن في بداية مرحلة جديدة في الحرب... نقوم بمهامنا بشكل متزامن" في الشمال والجنوب، في إشارة إلى غزة، مضيفا أنّ "مهمتنا واضحة: ضمان عودة سكان الشمال بخير إلى منازلهم".

ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر إثر الهجوم غير المسبوق الذي نفّذته الحركة على إسرائيل، كان تركيز العمليات العسكرية الإسرائيلية منصبا على غزة.

لكنّ المنطقة الحدودية بين الدولة العبرية ولبنان تشهد تبادلا يوميا للقصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، ما أدى إلى مقتل المئات في لبنان، معظمهم مقاتلون في الحزب، والعشرات في إسرائيل، وإلى نزوح عشرات آلاف المدنيين في كلا الجانبين.

- "تصعيد" -

وعلى مدى الأشهر الماضية، أعربت دول عدة عن مخاوفها من اتساع نطاق الحرب في غزة وتحوّلها لنزاع إقليمي، خصوصا على الجبهة بين إسرائيل وحزب الله.

ومن باريس، دعا وزيرا الخارجية الأميركي والفرنسي الخميس جميع الأطراف إلى "التهدئة في الشرق الأوسط".

وقال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه "قمنا بالتنسيق لإرسال رسائل خفض التصعيد"، بينما أكد نظيره الأميركي أنتوني بلينكن "لا نريد أن نرى أي تصعيد من أي طرف يزيد الوضع صعوبة".

وأكد بلينكن أنّ "هناك مشكلة حقيقية يجب حلّها في ما يتعلق بشمال إسرائيل وجنوب لبنان"، في حين اعتبر سيجورنيه أنّ "لبنان لن يتعافى من حرب شاملة".

الى ذلك، اعتبر الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن حزب الله "قادر على وضع حد للهجمات الإرهابية في أنحاء إسرائيل"إذا كان يرغب بتخفيف حدة التوتر في المنطقة.

أضاف "خلاصة الأمر هي أنه لم يوقف هذه الهجمات الإرهابية".

كما أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن قلقه "العميق حيال تصاعد التوتر والضحايا المدنيين" في لبنان، محذّرا من أن "الوضع قد يتدهور بشكل سريع" بعد الهجمات الأخيرة.

ويشارك بلينكن في باريس في اجتماع بشأن الشرق الأوسط مع نظرائه الفرنسي والبريطاني والإيطالي أنتونيو تاياني، إضافة إلى ممثل عن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك. كما سيلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وكان ماكرون حضّ "جميع الأطراف على التحرّك لتجنّب الحرب".

وخلال اتصالات مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش جوزف عون، أعرب ماكرون عن "قلقه العميق بعد سلسلة الانفجارات التي شهدها لبنان والتي تساهم في تصعيد خطير للتوترات في المنطقة، ممّا يعرّض السكان المدنيين للخطر"، وفق الإليزيه.

من جهته، طالب ميقاتي مجلس الأمن الدولي الذي يعقد الجمعة جلسة لمناقشة الانفجارات التي طالت أجهزة الاتصال، باتخاذ "موقف حازم لوقف الحرب التكنولوجية التي تشنها" إسرائيل على بلاده.

الى ذلك، اتهمت تركيا "إسرائيل بوسيع رقعة الحرب إلى لبنان".